مصطلح الثورات الصناعية نشأ بعد تعدُد مراحل التطور الصناعي خلال القرون القليلة الماضية، والثورة الصناعية بوجه عام هي اكتشاف أو تطور كبير أدي الي تحول عالمي كامل ليس فقط في الميكنة الصناعية نفسها ولكن أيضاً في مفهومها وسياساتها وآليات إدارتها وتنظيمها وفي أنماط حياة الأفراد والمجتمعات.
وبسبب تعدد مراحل الثورة الصناعية في العصر الحديث بشكل قد تكون البشرية لم تشهد له مثيل من قبل، كان من الضروري ظهور مصطلح الثورات الصناعية ليتثنى تقسيم مراحل الثورة الصناعية الي عدة ثورات لكل منها سماته وخصائصه وآثاره، ولكن ما هي أهمية دراسة الثورات الصناعية الأربعة؟
أهمية دراسة الثورات الصناعية الاربعة.
دراسة الثورات الصناعية الاربعة بالترتيب يعطينا فكرة عن كيفية نشأتها وبدايتها وأثرها في المجتمعات وعلى العالم أجمع، مما يساعدنا في توقع مجريات العلوم والتكنولوجيا وآثارها في الصناعة في المستقبل.
وهناك أيضاً أهمية أخري من وراء دراسة الثورات الصناعية الاربعة، فهناك بلدان مازالت في مرحلة الثورة الصناعية الثانية، ومنها من هو في مرحلة الثورة الصناعية الثالثة، وبلدان أخرى بدأت تعيش الثورة الصناعية الرابعة بالتزامن مع الثورة الصناعية الثالثة.
فالثورات الصناعية السابقة ليست مجرد تاريخ بل حاضر للبعض ومستقبل لآخرين.
ويُمكننا تقسيم الثورات الصناعية الأربعة تقسيم زمني عند بداية دخول تكنولوجيا أو اكتشاف مُعين في الصناعة، وفيما يلي سنذكر مراحل الثوة الصناعية بالترتيب الزمني، وهي أربعة مراحل مر بها العالم الى الآن في العصر الحديث.
الثورة الصناعية الأولي.
بدأت الثورة الصناعية الأولي عام 1784 في معظم التقديرات.
بدأت مع تطور المحركات البخارية وبداية استخدامها في الصناعة والزراعة وبدأت في النقل بالسكك الحديدية.
بدأت الثورة الصناعية الأولي في بريطانيا ثم الولايات المتحدة الأمريكية، حيث بدأت الآلات الميكانيكية التي تعمل على طاقة المحركات البخارية تحل محل الحرف اليدوية في قطاعات كثيرة، كالزراعة والصناعة "وبخاصة صناعة الغزل والنسيج"، وكذلك بدأت تتطور وسائل النقل من الاعتماد على الحيوانات الي الاعتماد على وسائل النقل البخارية "كالقطارات".
كانت تلك الثورة هي من أكبر الثورات الصناعية تأثيراً على المجتمعات، حيث بدأ الحيز العمراني في الزيادة الكثيفة وبدأ الناس في الانتقال من الريف الى المدن، وبدأ ظهور الإنتاج الكثيف وسرعة التنقل والحركة، واختفى عدد كبير من الحرف اليدوية، وبدأ الإنسان يبحث بشغف عن الوقود الحفري "كالفحم ".
الثورة الصناعية الثانية.
بدأت الثورة الصناعية الثانية عام 1870.
بداية اكتشاف الكهرباء واستخدامها في الصناعة، كان سبب انطلاق الثورة الصناعية الثانية.
قبل الحرب العالمية الأولى، وبعد اكتشاف الكهرباء وخصائصها وعرف الإنسان كيف يستخدمها، بدأ فجر جديد في سلسلة الثورات الصناعية، وهي الثورة الصناعية الثانية، بدأت تظهر خطوط الإنتاج الكثيفة وأصبحت الصناعة أكثر تطوراً، وبدأت صناعة الصلب والمصباح الكهربائي والهاتف السلكي والتصوير الفوتوغرافي.
وعرف الإنسان أيضاً في فترة الثورة الصناعية الثانية استخراج البترول والغاز ومشتقاته كمصدر للطاقة الي جانب الفحم، مما أدى الى ظهور محركات الاحتراق الداخلي والتي أحدثت تطور كبير في وسائل النقل وتطور صناعة السيارات.
الثورة الصناعية الثالثة.
بدأت الثورة الصناعية الثالثة او الثورة الرقمية عام 1969.
كان اكتشاف الخصائص الكهربية لعنصر السليكون وبداية صناعة ال Diodes والترنزيستور" Transistor " وبداية دخول الصناعات الإلكترونية هو السبب في انطلاق الثورة الصناعية الثالثة.
من بين كل الثورات الصناعية سُميت الثورة الصناعية الثالثة بالثورة الرقمية، تلك الثورة الصناعية التي عشنا نحن فيها معظم فترات حياتنا، والتي أشرقت شمسها مع اكتشاف أشباه الموصلات وخصائصها.
أدي ذلك الي تطور كبير في الصناعة والتي بدأت تعتمد على الإشارات الرقمية “Digital” وبدأت برمجة الآلات، ولذلك سُميت الثورة الصناعية الثالثة بالثورة الرقمية، وظهر الحاسب الآلي والذي تطور سريعاً وصولاً الي ما تراه الآن من الحاسب المحمول، كما تطورت وسائل الاتصال بسرعة ودخلنا عالم الإنترنت ونقل البيانات وتخزينها، حتى وصلنا الي الهاتف الذكي الذي تحمله الآن.
تزامن هذا التطور أيضاً مع حدوث طفرات في الزراعة ووسائل النقل الحديثة، كما ظهرت الطاقة المتجددة والبديلة.
الثورة الصناعية الرابعة.
بدأت الثورة الصناعية الرابعة في عام 2016.
مُسمى الثورة الصناعية الرابعة تم إطلاقه في المنتدى العالمي للاقتصاد عام 2016، وتلك الثورة الرابعة التي نعيشها الآن تختلف عن الثورات الصناعية الثلاث التي سبقتها، وذلك في أنها لم تُبني على اكتشاف أو اختراع مُعين بعينه، ولكنها أتت حصيلة التطور التقني والخبرة الصناعية والإنتاجية والاقتصادية خلال العصر الحديث بأكمله، وبخاصة ما أنتجته الثورة الصناعية الثالثة من شبكة الإنترنت والهواتف الذكية، والكمبيوتر والقدرات التخزينية الهائلة للمعلومات وقواعد البيانات والقدرة الفائقة للمعالجات وغيرها.
فما توصل اليه الإنسان من علوم وتكنولوجيا، فتح الباب على مصراعيه أمام الثورة الصناعية الرابعة، تلك الثورة الصناعية التي أدخلتنا الى مجالات جديدة كالذكاء الاصطناعي “Artificial intelligence”، وتعلم الآلة “Machine learning”، والروبوتات “Robots”، وانترنت الأشياء “IOT”، والطباعة ثلاثية الأبعاد “3D printing”، وتكنولوجيا النانو “Nano technology”، والتكنولوجيا الحيوية “Biotechnology”، وغيرها من المجالات التقنية الكثيرة والتي قد تزيد مع الوقت.
نحن الآن نعيش في بدايات الثورة الصناعية الرابعة والتي تربط بين الأنظمة الرقمية مع الفيزياء الحديثة والعلوم البيولوجية، الثورة الصناعية الرابعة لا تُغير فقط الطريقة التي نفعل الأشياء بها، ولكنها قد تُغيرنا نحن كبشر أيضاً معها.
وفي النهاية لو أعجبك موضوعنا حول الثورات الصناعية، لا تنسى مشاركته عبر أحد الطرق الموضحة أسفل المقال، وأعاننا الله وإياكم على نشر العلم النافع.